عمر النجار يَكتب لـ «الموقع»: خطاب نتنياهو يختزل فشله الداخلي والخارجي
في التوقيتِ والمَضمون لم يَكن بيان القاهرة الأخير بشأن مِحور فيلادلفيا عابرًا بل سُلَّم يُبنى عليه بَاقي الدرجات..
لكِون الواقع يُؤكد أنَّ منْ يَقترب من خطابها تقترب منه، ومن يَبتعد عن خطابها تَبتعد عنه.
لا يُمكن التعامل مع بيان القاهرة من الزاوية الأحادية فقط، لِكون بيانها يَفتح أبواب وآفاق السياسة، وهُنا أتحدث عن خطابها الأخير بشأن مِحور فيلادلفيا، وأيضًا عن جميع خطاباتها وبياناتها التي تأتي على نفس وتيرة فتح المجال أمام السياسة.
مَا تَسيرُ عليه القاهرة في خطابها هو أنَّ السياسة باب رئيسي للوصول إلى صِيغة حل وفي الوقت نفسه تدبير الأمور وليسَ تعقيدها.
القاهرة تعتقدُ أنَّه لا أمل حاضر ولا مُستقبل منظور عندَّما تتعقد الأمور ويُغلق باب التفاوض، بلْ والأخطر من ذلك قلْب قضية المفاوضات لإقحام القاهرة كـ جزء رئيسي في الأزمة.
إذا ما وضعَ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مِحور فيلادلفيا، كـ عقبة رئيسية في طريق المفاوضات الجارية فإنَّ توقف المفاوضات نهائيًا ورفع القاهرة يدَها عن المفاوضات قدْ لا يكونَ خبرًا سيئًا بالنسبة إليها.
ولعلَّ أخطر ما قام به نتنياهو، هوَ إبعاد المُجتمع الدُولي بشكلٍ عام عن قضيته الرئيسية ألا وهيَّ وقف إطلاق النار والوصول إلى تسوية حقيقية مع الجانب الفلسطيني..
إشكالية نتنياهو، هو تظاهرهُ بالمرونة أمام المجتمع الدُولي وهو على النقيض تمامًا يُشعل فتيل الأزمات مع كل الدول المحيطة ببلاده.
لا تَطلبْ القاهرة من المُجتمع الدولي أنْ يَتجاوب مع بياناتها من مَوقع الوفاء للدور التي قامت به في تأمين وصول الرعايا الأجانب من معبر رفح وتوصيل المُساعدات الإنسانية ومُعالجة الجرحى..
ولا تطلبْ القاهرة من المجتمع الدولي الإدراك لحقيقة كونها حاضنة لجميع الجنسيات واستيعاب العديد من اللاجئين بلْ تطلب منهم التدقيق في تصريحات، بنيامين نتنياهو، التصعيدية، التي تُسهم في إشعال المنطقة بأكملها.
ولا تطلبْ القاهرة أيضًا من الإدارة الأمريكية انتقاد، نتنياهو، بل بضرورة اتخاذ مَواقف عملية تجاه تصريحاته العشوائية، التي قد تأكل الأخضر واليابس.
أزمة نتنياهو، في تعامله مع خطاب القاهرة الأخير بشأن مِحور فيلادلفيا على كونه كـ بيان، وفي الحقيقة هو ليس بـ بيان وإنما هُو عبارة عن باب من أبواب السياسة، لِكون القاهرة تعتقد وتعلم علم اليقين أنَّ السياسة تنتهي عندما تفشلْ المفاوضات.
الأزمة تتسع عندما يتنحى المجتمع الدولي عن كبح جماح إسرائيل في المنطقة العربية لتحل الأزمات والفوضى مَحل الدبلوماسية والمفاوضات.
تمسك نتنياهو، بمحور فيلادلفيا ومحور نتساريم الذي يشطر غزة إلى شطرين، هُو بمثابة وضع المنطقة العربية بأكملها على صَفيح ساخن.
كان مشهد الدعوة لإضراب ضمَّ بلديات كبرى في تل أبيب وهود هشارون وكفار سابا، وخروج مطار بن غوريون عن الخدمة لساعات طويلة، هُو مَا كان سببًا رئيسيًا وراء ظهور نتيناهو، لإلقاء خطاب الهزيمة، وحديثه العبثي عن مِحور فيلادلفيا.
مَا ظهر داخل إسرائيل من إعلان منظمة “الهستدروت”- الخاصة عن العمال- بالمشاركة في الإضراب، التي ينضوي تحتها ما يُقارب الـ 800 ألف عامل، هُو ما أربك نتنياهو في الداخل، الأمر الذي اضطره لإلقاء هذا الخطاب العبثي.
ويأتي ظهوره الأخير وإلقاء خطاب الهزيمة جاء بعدَ الفشل الاستخباراتي، الذي كان سببًا رئيسيًا فيه لكونه المسئول الأول عن وقوع أكثر من ألف قتيل من العسكريين والمدنيين الإسرائيليين، وفي الوقت ذاته هزَّ صورة الاحتلال داخليًا وخارجيًا.
في الخلاصة، مفهوم أن إسرائيل كانت في غنى عن خطاب، نتنياهو، والتورط في حربٍ كلامية مع القاهرة، لِكون مثل هذا الخطاب هو جريمة مُضافة تزيد من شرارة الغضب ضدَّه في الداخل والخارج.
حفظَ اللهُ مِصرَ وَشعبها وَمُؤسساتها.
اقرأ ايضا للكاتب