عمر النجار يَكتب لـ«الموقع»: هل يصلح تحويل مقر الجامعة العربية إلى مزار سياحي؟!
ليسَ كثيرًا على العالم العربي أنْ يَكون لديه كيان يُعبر عن أوجاع ومآسي شعوبه، لِكون الكثير من بُلدان هذا العالم دَخلت في جهنم من الحروب والصراعات والدمار..
ولا أحد يَتوقع أو يتنبأ بـ كيفية أو شكل الخروج من مِثل هذه الأزمات.
الغريب في هذا الأمر، أنَّ هذا العالم العربي لَديه بالفعل كيان قائم في أرقى أحياء القاهرة لِكونه يَطل على نهر النيل مُباشرة، وأعلام دول أعضائه تعلو هذا المبنى.
اتفقَ الكل على أنَّ مبنى الجامعة إرث فني وثقافي لا يَختلف عليه اثنان من حيث موقعه الاستراتيجي أو من حيث زخرفة مَبانيه.
ويَتوسط مبنى الجامعة أهم وأبرز فنادق القاهرة «النيل ريتز كارلتون» و«سميراميس»، الذي يُقدر ثمن تأجير غرفة واحدة أو جناح خلال يوم واحد في هذين الفندقين بآلاف الدولارات..
بِعكس مَقر الجامعة، التي لا يَصلح فيها تأجير غرفة واحدة أو تأجير إحدى صالات اجتماعاتها أو حتى الاستفادة من المَساحة الخالية الموجودة أمام هذا المبنى
بحجة:
«هنا يُعقد اجتماع أعضاء الجامعة العربية»، الذين يَخرجون على الصحافة بصيغتين من البيانات إما الإدانة أو الشجب لا ثالث لهما.
رُبما أبرز ما يُميز جامعة الدول العربية أنها تَسيرُ على مَنهج «اللائحة الرمادية» وقت اشتداد الحروب والأزمات..
وهذا ما كان واضحًا عندَّما اشتد العدوان على جنوب لبنان، إذ ظهرت الجامعة بـ بيان أنها ستعقد اجتماع طارىء لِدعم لبنان، وذلك بناءً على طلب العراق.
وإذا افترضنا أنَّ العراق لم تتقدم بطلب لبحث أزمة لبنان لِما تقدم الأعضاء من تلقاء أنفسهم بعقد اجتماع طارىء وعاجل لبحث أزمة لبنان.
يُمكن القول، إنَّ من يحمل مَسئولية كيان الجامعة العربية مسئول.. ومن يَحمل مَسئولية التقدم بطلب لعقد اجتماع طاريء مسئول.. ومن يَمتلك شطب دولة أو ضم دولة للجامعة مسئول.. ومن يَملك وضع أعلام الدول على مقر الجامعة مسئول.
لِكون الواقع أكّدَّ أنَّ جميع الفرص التي قُدمت للجامعة فيما تُقدمه من مضمون قد انتهت وأصبحت هيَّ المسئول الأول عن الأوضاع في الأزمات التي تحدث في البلدان العربية بأكملها وكان آخرها لبنان، التي نزح منها ما يُقارب الـ مليون شخص خلال الأيام الماضية..
لأنه لا يَجب ولا يَصح أنْ نتعامل مع الجامعة مِثلما نتعامل داخل المطعم مع «منيو» الوجبات أو مثل الفندق الذي يُقدم أسعار الغرف المُطلة على النيل وغير المُطلة على النيل..
ولا يَصح أن تتعامل الجامعة مع الأزمات بـ تقديم طلب اجتماع عاجل، مثل العراق التي تقدَّمت لبحث أزمة لبنان..
ليأتي السؤال: «ماذا لو لم تتقدم العراق.. هل سيكون موقف الجامعة هو الصمت».
من حقنا كـ شعوب عربية أنْ نَعرف ما هوَ الدور الحقيقي لهذه الجامعة وليس من حقنا أيضًا الإغفال وترك الساحة لهم بأنْ يصدروا بياناً قائم على الشجب والإدانة..
لأنه إذا ما تمَّ إنفاق هذه المبالغ على النازحين واللاجئين العرب لكان الأمر أكثر إفادة من بياناتهم.
وهنا يَأتي السؤال الأبرز: «هل سنرى من أعضاء الجامعة العربية موقفاً يأتي في صورة جماعية من خلال وشاح يُلف على أعناقهم تعبيرًا عن رفضهم لما يحدث في جنوب لبنان وفلسطين.. وحتى تُنشر هذه الصورة في جميع وكالات الأنباء العالمية أم سنرى بياناً تقليديًا مثل سابقيه».
الجواب الإيجابي هنا، أنَّ الواقع يُؤكد أنَّه إذا تمَّ تحويل مقر الجامعة العربية إلى مَزار سياحي مثلَ المتحف المصري القريب منها..
فمن المُؤكد أنَّ الشعوب العربية لن تُعول مرة ثانية على دور الجامعة، وبهذا سيكون مكسب كبير للطرفين: الأول للشعوب، والثاني للأعضاء الذين لن يُهدروا أوقاتهم مرة ثانية في بيانات الشجب والإدانة.
حفظَ الله مِصرَ وَشعبها وَمُؤسساتها وجميع البُلدان العربية.