عمر النجار يَكتب لـ«الموقع»: في رصاصة «التبعية التكنولوجية» مساوئ تفرض على مستورديها اختراع البديل
كثرَ الحديث في الماضي القريب والبعيد عن مُصطلح ما يُسمى بـ«التبعية الإعلامية»، إلا أنَّ الكثير من الدول تجاهلت هذا المُصطلح إلى أنْ أصبحت شعوبها رَهينة لجميع وسائل التواصل الاجتماعي..
بلْ وبادرت المُؤسسات الحكومية في هذه الدول المُستوردة للتكنولوجيا إلى استخدام حسابات رسمية لنشر أخبارهم على وسائل التواصل الاجتماعي دون التفكير في إنشاء مَنصات بديلة خاصة بِهم.
بلْ والغريب أكثر أنَّ المُؤسسات الإعلامية في هذه الدول خاطبت المُؤسسين لهذه المنصات العالمية لدعم وسائلها الإعلامية من خلال الحصول على نسبة وحصة من إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي الاجتماعي بدلاً من التفكير في البدائل والحلول.
وكان الثمن المُترتب على «التبعية الإعلامية» هو احتلال نفوس الشعوب صغيرها وكبيرها..
وهُنا خسرت هذه الدول سلاح الإعلام بكافة أشكاله بل وأصبح بعيدًا عنها بكل الطرق والوسائل.
ولا أنسى حديث صديقي، الذي يُقدم برنامجًا سياسيًا على منصات التواصل الاجتماعي، عندَّما قال لي:
«أنا قمت بتحويل مَسار البرنامج إلى مُراجعة مذكرات المسئولين السابقين وكبار السياسيين ورجال والأعمال والمشاهير بدلاً من الحديث عن الحرب الدائرة في عزة، لِكون اليوتيوب وفايس بوك- ميتا- لا يَدعم مثل هذا المحتوى»..
ومن هنا أصبحت معظم شعوب دول العالم أسيرة ورهينة لمنصات التواصل الاجتماعي تُحركها كيفما شاءت.
ولمْ تنتبه هذه الدول لـ مُصطلح «التبعية الإعلامية»..
إلى أنْ جاءت صدمة «التبعية التكنولوجية»، التي عانت منها لبنان خلال الأيام الماضية من خلال تفجيرات أجهزة اتصال اللاسلكي والبيجر..
لأنه ما كادت كاميرات المُراقبة المُنتشرة في كل دول العالم المُستوردة لها تَسترنا لِكونها في الأساس تكشف عورات الدول المستوردة لها، وفي الواقع تعرف عنّا كل صغيرة وكبيرة..
والدليل على ذلك، أنَّ البعض من القيادات داخل لبنان بدأوا يَتخوفون من استخدام الهاتف، والبعض الآخر يتجنب الرّد على المكالمات..
وهذه صورة بسيطة من التبعية التكنولوجية، التي لم تُعير الشعوب المستوردة لها أي اهتمام.
وهنا يطرح تساؤلا مُهما: «هل على بعض دول منطقة الشرق الأوسط أن تغضب من الدول المصدرة لطائرات F-35 في أنها علّقت عمليات البيع أم أنها تُفكر هيَّ نفسها في إطار التصنيع لِمثل هذه الطائرات»..
رُبما السؤال صعبًا لكن الإجابة عليه ستكون مَحل دراسة في المُستقبل.
وهنا تطرح أسئلة عدة:
«هل الدول المستوردة للتكنولوجيا ستفتح ملف كل ما هُو مستورد من الخارج بدءًا من شاحن الهاتف الذكي وصولاً إلى السيارات والطائرات».
وعلى قاعدة «لا يَصح إلا الصحيح»، أنه يجب التفكير في إنشاء منصات إعلامية تلتف حولها الشعوب المُستوردة للتكنولوجيا، وفي الوقت نفسه تسليط الضوء على الباحثين في جميع المجالات والاتجاه فورًا نحوَ عمليات التصنيع بدءًا من «الإبرة» وصولاً إلى الصاروخ.
وفي نهاية المطاف، يُمكن استنتاج أنَّ لجوء الدول المُستوردة للتكنولوجيا إلى المَواهب التكنولوجية والفكرية والبحثية والإعلامية والثقافية..
فمن المؤكد أنها ستُصبح مُقتنعة بالتجربة والرهان على المُستقبل لا على ما يُسمى بـ «التبعية الإعلامية» و«التبعية التكنولوجية».
حفظَ اللهُ مِصرَ وَشعبها وَمُؤسساتها.
اقرأ ايضا للكاتب