الموقعأراء ومقالات

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: نظرية استفزاز الجمهور.. هل تجد مكاناً لها في مناهج كليات الإعلام؟

لا يُمكن بأي حالٍ من الأحوال الاستمرار في حالة العبث التي تَشهدها البرامج الحوارية، لِكون هذا لا يُفيد الجمهور في فَهم الصورة الحقيقية بل يُسهم في زيادة ظاهرة العزوف عن المُشاهدة ولا يُشجع عليها..

وهذا رُبما أكثر خطرًا على المُجتمع لِكونْ المُشاهد والقارىء قدْ يَلجأ لوسائل أخرى من القنوات المُعادية لِلدولة المِصرية، وأيضًا لمنصات “السوشيال ميديا” وغيرها حيثُ تنتشر في بعضها الشائعات والأخبار المُضللة.

علينا ألاَّ نَستهين بعقلية المُشاهد ورغبته الحقيقية في مُشاهدة إعلاميين يَمتلكون من المِهنية تُؤهلهم للوصول إلى عقلية وقلوب المُشاهدين..

لأنهُ لا يَصح استضافة، خبير أمني، على إحدى القنوات الفضائية وسؤاله عن توقعاته لسعر الدولار خلال الأيام القادمة.. وهل سَيصل إلى هذا السعر أمْ لا؟..

هل هذا يُعقل؟!

هل هذه التحليلات والتوقعات وَظيفة الخبير الأمني؟!

هل ما يتم طرحه من أسئلة تحترم عقلية المُشاهد؟

ما عادَ يَصح لا في الوقت الحالي أو في المُستقبل الاستخفاف بعقول المُشاهدين من ناحية سؤال غير المُتخصصين في مَجالاتهم عن تحليلاتهم وتوقعاتهم “الخزعبلية” أو آراء هؤلاء الإعلاميين التي يُطلقوها بلا حساب عن أي موضوع، أو استفزازهم من خلال آرائهم ونصائحهم للمواطنين بالابتعاد أو الاقتراب من أسعار السلع..

وتُصبح هذه المادة مَصدرًا للسخرية والضحك على منصات التواصل الاجتماعي.

سَرد هذه الكتابة جاءت عندما ارتفع سعر الدولار مُقابل الجنيه خلال الأيام الجارية، وإعادة رَواج فيديوهات الخبراء الأمنيين والإعلاميين وحديثهم “الخزعبلي” عن توقعاتهم بشأن الدولار في المُستقبل، على منصات السوشيال ميديا.

لا أبالغ حينما أقول إنَّ هذه البرامج الحوارية لا تَخرج على الإطلاق بنقاشات مُهمة تُفضي إلى تدوينها في أوراق بحثية، لِكون هذه البرامج تتطوع لتقديم مادة من وحي الخيال وتكون قابلة للسخرية والضحك..

لأنه في طيّات النقاش يكون هناك استخفاف مَقصود بعقلية المُشاهدين، وهو ما لا يَليق بدولة بحجم مصر.

يظل أخطر ما في الأمر، حينما لا يَجد المُشاهد والقارىء في الصحافة والتلفزيون ما يُشبع اطلاعه في هذا الموضوع بكل مُشتقاته.. فمن الطبيعي أنْ يَلجأ إلى أي أخبار تتصل بهذا الموضوع، وفي الوقت نفسه تتحول إلى حديث الجميع.

فـ مُهمة الإعلام الحقيقي هو التواصل مع كل فئات الجمهور وفي الوقت نفسه احترام عقلية المُشاهد والقارئ وليس الاستخفاف أو إتقان ظاهرة قطع ما اتَّصلَ في الماضي..

لكون المِهنية هيَّ المعيار الحقيقي في وظيفة الإعلام، التي لا بدَّ أن تنتصر عاجلاً أم آجلاً ليُصبح حق المجتمع بكل فئاته أقرب للترجمة..

والمهنية هي البوصلة الوحيدة التي تُرشدنا وسط كل ما هو غير حقيقي ومُفبرك ومُضلل على بعض منصات التواصل الاجتماعي..

والمِهنية هيَّ من تقتل وتقضي على الشائعات والأكاذيب المضللة التي تنتشر كالنار في الهشيم.

والمِهنية هيَّ الصوت الحقيقي في اختراق جدران العقول وإزالة التشويش عنها.

والمهنية هي من تُجيد مُخاطبة وتوضيح الصورة الكاملة للرأي العام العالمي عن أي قضية مهما كانت.

قد تكون نظريتي “استفزاز الجمهور والاستخفاف بالعقول” لهما مكاناً قويًا في مناهج أقسام الصحافة والتلفزيون خلال الفترة المقبلة، بعدما انتشرت الأخبار والبرامج التي تُطبق هاتين النظريتين بل سَتجد مكانا قويًا لها في أبحاث ودراسات ماجستير ودكتوراه كليات الإعلام خلال الفترة المقبلة..

لأننا لو أردنا الشفاء من هاتين النظريتين فعلينا بمراجعة ما تُقدمه هذه البرامج الحوارية وتوجيه الأسئلة للمُتخصصين وإتاحة الفرصة لصُناع المِهنة وتغيير المناهج الدراسية حتى تأخذ في الاعتبار التغييرات الطارئة على الإعلام.

حفظ الله مِصرَ وَشعبها ومُؤسساتها.

اقرأ ايضا للكاتب

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: عداد ارتفاع الأسعار أكثر سرعة من عد النقود

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: مُشاهدو وقراء الصدفة .. الفرصة الأخيرة أمام وسائل الإعلام

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: النواب لـ الحكومة: «فوضناكم في رفع الأسعار»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى