أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع»: في زمن الغلاء.. من يسلك نهج محمود العربي وأبناءه؟

أجيالٌ تُوثق أصول عائلاتها وتُدافع عن مصالح العاملين من خلال إعطائهم جزءًا من أرباح شركاتهم لِكونهم نشأوا في بيئة الحاج محمود العربي يرحمهُ الله، الذي كانَ يُطبق مبدأ أن هؤلاء الموظفين والعمال «يَعملون معي وليس عندي»..

هذه المقولة أكّدَ عليها الحاج محمود وهو يَسأله الرئيس الراحل حسني مبارك، كم عدد من يَعمل معك، ليرد عليه قائلاً: «مبقولش فيه حد بيشتغل عندي»، وكان وقتها من يَعمل معهُ ما يُقارب الـ 7 أو الـ 8 آلاف شخص..

هذه الِرحلة المَليئة بالدهشة والإعجاب من شخصية الحاج محمود العربي، نشأ عليها أولاده وأخص بالذكر المهندس إبراهيم العربي، الذي عندما تولى منصب رئيس اتحاد الغرف التجارية سلك مسلكاً يَختلفُ عن الكثير ممن يتولون المناصب وهو عدم تغيير الأشخاص الذين يعملون في مكتب الاتحاد حتى لا يَنقطع مصدر دخلهم.

ما حضرَ اجتماعًا من الاجتماعات سواء في شركته أو بخلافها إلاَّ وترك بصمة وجذب العيون إلى تواضعه وأخلاقه ومُداخلاته التي تأتي على استحياء.. لكونه ببساطة ورث تاريخًا من حب الناس يَعود لمسيرة أبيه الحاج محمود، الذي كان يُؤكد على أنَّ «نجاحه هُو حماية للعاملين في شركاته».

وعندَّما حاولتُ فهم مقولة الحاج محمود بأنَّ «نجاحه هُو حماية للعاملين» عرَفتُ أنهُ يُؤكد على أنَّ مسيرة أرباح الشركة في السنة يجب أن يكون للعاملين نصيب منها..

هذا هو سِر خلطة نجاحهم بعد وفاة والدهم، لِكونه لمْ يَترك لهم أموالاً فقط بلْ تركَ لهم كيفية تعلم حب الآخرين وجبر الخواطر ومعاملة من يَعملون معهم على أنهم شركاء في مُؤسساتهم وليسوا مُجرد عاملين يَذهبون مع الريح.

الحاج محمود العربي الشخصية المليئة بحب الآخرين تركَ وراءه أجيالاً يجعل من اسمه أيقونة خالدة في عالم رجال الأعمال لا تَغيبُ عن الذاكرة، لِكونهِ لمْ يَتخلَ عن شريكه الذي تُوفيَّ أثناء شراكتهما في بِداية حياته وعملَ على تربية أولاده حتى صارَ منهم الطبيب والمحاسب ومن سافرَ إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

أبناء هذا الرجل الخلوق صاروا على نهجه في مَسيرة «جبر الخواطر وحب الآخرين»، لكونهم شاهدوا أباهم وهُو يَجبر بخاطر أولاد شريكه الذي تُوفيَّ في مراحل البدايات ولم يَتخلَ عنهم لأنه كان يُردد ويفعلُ أيضًا بأن «الإنسان خُلقَ للإنسان الآخر»..

هذا الرجل الذي كان يتناول الطعام مع من يَعملون معه في شركاته تركَ لأبنائه كيفية حب الآخرين والتواضع مع الصغير والكبير، التي تُعد واحدة من قناعاته المُهذّبة التي ضبط على أساسها الفكر في شركاته.

خلال هذه الأيام يثور سؤال ألا وهوَ: «هل من الممكن أن يتخذ التجار الذين يَقومون بتخزين السلع على كافة أنواعها نهج الحاج محمود العربي، ويَتركون لأبنائهم مسيرة في جبر الخواطر لا أموال رُبما يُبددونها في المستقبل».

الجواب أنه لا يُوجد في عالم البيزنس مكان لـ «جبر الخواطر» بل كل المكان لتحقيق المكاسب الخيالية وانتهاز الفرص لتخزين السلع واحتكارها.. أذكر بعضهم.

غاب الحاج محمود العربي وغاب قبله أعداد لا حصر لها من رجال الأعمال وحتمًا سيغيب بعده كثيرون إلا أنَّ الذي سيبقى هو مسيرة جبر الخواطر وحب الآخرين..

لن نقولُ وداعًا يا حج محمود، لكونك تركتَ أجيالاً حافظوا على مسيرتك الحافلة بجبر الخواطر.

اقرأ ايضا للكاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى