أراء ومقالاتالموقع

عمر النجار يكتب لـ«الموقع» عن «الدول الفقيرة»..مُتضرر أم مُستفيد من الصراع بين واشنطن وبكين؟

يومًا تلو الآخر، وتشتعل الحرب التجِارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وذلك في الوقت الذي أعلنا فيه البلدين كليهما فرض رسوم جُمركية جديدة على بضائع الآخر، التي بدأت أوئل عام 2018، وتحديدًا في شهر أبريل من هذا العام.

اليوم، نرى قرارًا جديدًا من إدارة الولايات المتحدة الأمريكية بـ مُقاطعتها الدبلوماسية للألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022، التي تستضيفها بكين شهر فبراير القادم، إلا أنَّ القرار لنْ يمنع الرياضيين الأمريكيين من المُشاركة في المُسابقات.

تبريرات الإدارة الأمريكية لهذا القرار، تأتي بسبب الانتهاكات التي يتعرّض لها المُسلمون الأويغور في شينجيانغ في شمال شرق الصين، واحتجاجًا منها على انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد.

لم تكتفِ الإدارة الأمريكية لِهذا القرار، بل سيُعلن البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن، لنْ يَحضرَ أولمبياد بكين الشتوي، ولا أي مسؤول حكومي آخر، وذلك في إطار مُقاطعة دبلوماسية كبيرة.

ما نُلاحظه في هذا القرار، أنَّ الديمقراطيين والجمهوريين لديهم اتفاق واضح على قرار الإدارة الأمريكية بمقاطعة أولمبياد بكين الشتوي، والدليل على ذلك، أنَّ رئيسة مجلس النواب الأمريكي الديمقراطية نانسي بيلوسي، دعت في مايو الماضي إلى ضرورة مُقاطعة دبلوماسية للألعاب الأولمبية التي تستضيفها الصين، إلا أن عددًا من صقور الحزب الجمهوري يُطالبون بايدن، أيضًا بالذهاب إلى أبعد من ذلك.

في المُقابل، الصين هدَّدت نظيرتها الأمريكية بـ«دفع ثمن» مقاطعتها الدبلوماسية للألعاب الأولمبية الشتوية، وذلك على حسب تصريحات المُتحدث باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان لوسائل الإعلام، قائلاً: «ترقبوا ما سيحدث».

ويبقى السؤال، منْ سيدفع حقيقة هذا الصراع التجاري الأمريكي- الصيني، الذي لا يَتوقف، لكنْ يبدو أنَّ التنافس بين البلدين يتجاوز الاقتصاد إلى الدفاع والثقافة والتكنولوجيا وغيرها.

وتبقى الصين أكبر تهديد وجودي للولايات المتحدة الأمريكية منذ الحزب النازي في الحرب العالمية الثانية، وكذلك أكبر من التهديد السوفييتي بكثير، إذ وصفها القوة الاقتصادية الثانية في العالم فإنَّ لها القدرة على الوصول للحكومات والمؤسسات في الغرب بدرجة تتجاوز ما كان عليه الروس بكثير.

أرقامٌ مُذهلة هيَّ حجم التجارة بين الدولتين، إذ يُقارب من 560 مليار دولار خلال عام 2020، إذ صدَّرت الصين منتجات قيمتها 433 مليار دولار للولايات المتحدة، فى حين بلغت قيمة صادرات أمريكا للصين مبلغ 125مليار دولار.

بسبب هذه القرارات المُشتعلة بين أمريكا والصين، تحدثُ عملية اضطرابات للشركات الكبرى العالمية، فما بالك بالشركات الصغيرة المتواجدة في دول العالم الثالث أو ما يُسمى بالعالم النامي، وتأكيدًا على ذلك، فإنَّ صندوق النقد الدولي أكد في وقتٍ سابق، بأنَّ تصعيد خُطوات فرض رسوم جمركية مُتبادلة بين البلدين قد يُؤدي إلى خفض النمو العالمي بواقع 0.5 في المئة من العام الماضي.

دائمًا ما تهبط مُؤشرات أسهم الأسواق العالمية وتحديدًا دول العالم الثالث التي تتأثرُ بشكلٍ كبير، عندما تحدث تهديدات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، لتعود للتعافي من جديد مع جرعات الأمل التي يُعطيها البيت الأبيض أحيانًا حول إمكانية الوصول إلى اتفاق مع العملاق الصيني.

الحرب التجارية التي تشنها الإدارة الأمريكية، على الصين ستكون مُدمرة وموجعة للطرفين، ولا يكون النجاح مضمونًا لأي منهما، وسيكون تأثيرها بعيد المدى على الدول الفقيرة، ومن المؤكد أنْ تنزلق هذه الدول إلى مَسار الركود الاقتصادي.

ما يُضاعف حاليًا من مَخاطر تصادم القوتين على العالم ترابطهما الاقتصادى الضخم، وتأثر باقي العالم به وتحديدًا الدول الفقيرة التي تأثرت بشكلٍ كبير من جائحة كورونا وتباطؤ نمو هذه الدول خلال العامين المَاضيين.

في النهاية، هذه الحرب بِمثابة تحذير عالمي، وإنَّ حربًا تجارية خاسرة لا تضرُ فقط بالمُتنافسين الأساسيين من واشنطن وبكين، بل تُهدد أيضًا مَسار استقرار الاقتصاد العالمي والنمو في المُستقبل.

اقرأ ايضا للكاتب

عمر النجار يكتب لـ«الموقع» حلقة بَرنامج شريف عامر .. بلا حارس البوابة

عمر النجار يكتب «الموقع».. كيان جديد لصحافة شبابية مُختلفة

مدحت العدل: عمرو دياب جزء يمثل هذا العصر وجيله وظهر في ظروف تاريخية لن تتكرر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى