أراء ومقالاتالموقع

عبدالله العربي يكتب لـ«الموقع» رواية النبطي بين جمال الإبداع الأدبي وضرورة التثقيف العام

لم يهتم كاتب عربي معاصر بضرورة التثقيف العام ورفع الوعي الشعبي قدر اهتمام الدكتور يوسف زيدان, أستاذ التراث والمخطوطات والروائي المعروف, ويتجلى ذلك الاهتمام في رواية النبطي المنشورة في عام 2010 عن دار الشروق, والتي رشحت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية في عام 2012 .

وقد ذهب زيدان في روايته إلي حقبة تاريخية وواقع اجتماعي غير مسبوق الحديث عنهما, وهي الطبيعة الاجتماعية للحياة في مصر والجزيرة العربية في الفترة السابقة لظهور الإسلام .

ويعتمد البناء الروائي علي بطلة الرواية (مارية) أو (ماوية) –كما سماها العرب- , وهي الشخصية الرئيسية للرواية وبطلة الأحداث وهي فتاة مصرية, مسيحية, زُوجت إلي عربي يسمي سلامة أو سلومة .

وترتكز الرواية علي ثلاثة جوانب هي

1. حياة مارية قبل زواجها ووصف الواقع الاجتماعي المصري في هذه الحقبة

2. طريق سفرها من مصر إلي الجزيرة العربية

3. حياتها في الجزيرة العربية وتوصيف الواقع الاجتماعي قبل ظهور الإسلام.

وقد استخدم الكاتب بكلماته الرشيقة وأسلوبه البديع الأسلوب التصويري للأحداث والأماكن والأشخاص, والتي أظن أن إبداعه الأدبي في تصويره الروائي في النبطي كان أكثر بريقا من عزازيل, رغم شهرتها الكاسحة الأمر الذي وصل إلي طباعتها أكثر من أربعين طبعة.

وتميز البناء الروائي علي التداخل بين الرواية والتاريخ وهو ما ميز أسلوب الدكتور يوسف زيدان في غالب أعماله الروائية فنجد أثر ذلك واضحا في النبطي, وتصوير الصراع بين الفرس والروم في خضم الأحداث.

إضافة علي التوصيف الاجتماعي في تصوير شكل الحياة, ومأكلهم, وملبسهم فضلا عن عادات الزواج فنجد مثلا الحديث بين مارية وأم صديقتها دميانة, طالبة منها سرعة الزواج فتقول لها :” إن الفتاة إذا تخطت الخامسة عشرة بلا زواج, يدب بباطنها الصدأ فيخرب معدنها”

وتتابع الأحداث ويأتي الخاطبون العرب إلي مارية, وتاخذ طريقها إلي بلادهم, ويبدع الكاتب في تصوير الطريق بأسلوبه البديع مرورا بجبال سيناء وشاطئ البحر الأحمر, وهو التصوير المستمد من إلمام بالمناطق المشار إليها حتى في وصف تضاريسها واختلاف طبيعتها الجيولوجية بدا واضحا في كتابته ووصفه الدقيق

ورغم أن الرواية تحمل اسم النبطي, وهو طبقا لسير الأحداث هو أخو سلومة بطلة الرواية, إلا أن وجوده الطاغي علي الرواية لم يكن عن طريق فرد مساحات ضخمة لحديثه أو إطالة الحوار وإنما كان بحضوره الدائم في خيال ماريه, والانبهار الدائم بشخصيته وحديثه وأبعاد حواره.

وبوصف بديع عُبر عن الحب في صورة الهدهد, الذي رسم علي غلاف الرواية حيث يصف النبطي الهداهد بأنها أرواح المحبين قائلا ” إن الإنسان منا إذا أحب في حياته, وهام بالعشق ومات علي تلك الحال, بعث من جديد هدهداً” وهو ما عبرت عنه ماريه في نهاية الرواية “هل أغافلهم وهم أصلا غافلون, فأعود إليه لأبقي معه ومعا نموت, فنولد من جديد هدهدين”

اقرأ ايضا للكاتب

عبدالله العربي يكتب لـ الموقع عن اشكاليات البعد الديني في أدب نجيب محفوظ  أولاد حارتنا بين التفكير والتكفير

البرلمان العربي يشارك في اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي في مدريد

مصر تحصد 11 ذهبية و3 فضيات وبرونزيتين في اليوم الثاني للبطولة العربية لدراجات المضمار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى