شريف سمير يكتب لـ«الموقع» منير الصعيدي يرفع شهادة «المواطن الصالح»!
المواطن منير من محافظة المنيا .. صار حديث مدينة “السوشيال ميديا” بكل تعليقاتها مابين السخط والسخرية من البعض، والإعجاب والانبهار بصفة القناعة والأمانة من البعض الآخر .. بينما البعض الثالث يقرأ الخبر غير مصدق أو متيقن من صحة المعلومة .. فأخونا منير عثر على مقنيات ذهبية تقدر بنحو 14 مليون دولار .. تأملوا الرقم واسبحوا بخيالكم في سبل إنفاقه وتوزيع أحلامه .. ولكن ما يقطع الطريق على هذه اللحظة التاريخية هو قرار “منير” الشجاع .. أو الطائش .. أو الصادم .. بتسليم الكنوز المدفونة في باطن الأرض إلى الحكومة بلا تردد ومن باب الحرص على المال العام .. وسرعان ما بادرته السلطات بمنحه شهادة “المواطن الصالح” تقديرا لأمانته ونزاهته وشرفه .. انتهى الخبر!!.
ومع فرضية أن القصة سليمة تماما وبطلنا واقعي وليس من وحي الدراما أو الحواديت البوليسية .. انهمر سيل التعليقات والإدانات لتسرعه بتقديم المنحة الإلهية لأجهزة الأمن وإهدار فرصة الفوز بكل الغنيمة دون شريك أو ضجيج .. بل واتهمته الأغلبية المطحونة بالسذاجة والحماقة للتفريط في هذه الهدية النادرة التي تتردد كثيرا على ألسنة شرائح مختلفة من المجتمع تحت تأثير حالة الإرهاق المادي والشظف المعيشي الذي يصطدم به المصريون على مدار سنوات ويتشوقون إلى أي طوق نجاة للتنفس وإنقاذ أهاليهم وأبنائهم من الاختناق اليومي!.
من منا لايفكر جديا في هذه الصدفة؟! .. من منا الآن لايتحين اللحظة التي تلتقط يداه “نفحة” من الأجداد ليبيعها على الفور ويربح منها ثروة طائلة تحمل معها الخير الوفير والنوم الهادئ على ريش نعام؟! .. والمسألة لاتتعلق في جوهرها بثقافة الفرد أو درجة تعليمه وإيمانه، وإنما هي أولا وأخيرا .. حالة احتياج .. ونزيف جيوب وعطش أرواح في ظل جفاف اقتصادي ضربت رياحه العالم بأسره وليس المحروسة فحسب .. وفي قلب الصعيد تحديدا تتناثر الأنباء عن قطع أثرية هنا، ومغارة مغلقة هناك، وتابوت ذهبي مجهول، وتماثيل فرعونية أصلية راقدة في سكون .. ولم يعد أمام الإنسان إلا التخطيط للوصول إلى الكنز وعرضه للبيع في الخفاء ودفن السر الكبير مع كل غبار وتراب البحث والتنقيب!.
التبريرات الأخلاقية والدينية جاهزة ويروج لها الكثيرون قبل المجازفة أو المقامرة بتاريخ البلاد وسلطة القانون .. فالحاجة أم الضرورة والتنازل .. ومن الحكمة أن تبادر الدولة بسن تشريعات تحت مظلة البرلمان تضمن لأي مواطن يعثر على أي قطعة آثار الحصول على نسبة مريحة وعادلة من قيمتها الحقيقية فتتحقق الفائدة المزدوجة .. تظفر الدولة بالقطعة الثمينة وتضمها إلى دولاب وزارة الآثار بما يحفظها من الضياع والسرقة والتهريب الشيطاني، وأيضا يخرج المواطن الشريف من الصفقة المشروعة بنصيب وافر وسخي نظير شجاعته وأمانته وعدم استسلامه للطمع والمخاطرة بحياته عند التعامل مع العصابات الدولية ومحترفي الجرائم المنظمة!.
ولامانع من تغليظ العقوبة على من يخالف القانون المقترح إلى حد المؤبد أو الإعدام كحل رادع لأي محاولة للالتفاف أو التلاعب وتعزيزا لقيم القناعة والرضا وحماية آثارنا وكنوزنا من القرصنة والاستيلاء المشبوه!.
– بالقانون “العادل” نربح 150 مليون “منير” في ربوع مصر كلها .. وعندما تكافئ الدولة الضمير اليقظ على نظافته ونقائه وبما يستحق .. وقتها يفتخر ويرفع في اعتزاز شهادة “المواطن الصالح”!.