أراء ومقالاتالموقع

شريف سمير يكتب لـ«الموقع» عن “التزوير الإجبارى”!

كلنا نسعى للوقاية من الأمراض واتخاذ الأسباب لحماية صحتنا وأقرب الناس إلينا .. ولو بدرجات .. وحينما انتشر وباء كورونا منذ عامين، اشتعل سباق الأمصال وحرب اللقاحات فى العالم بأسره، لتتصارع الشركات والمؤسسات الكبرى على الفوز بالعلامة الكاملة .. وتوالت الجرعات على الفقراء والأغنياء لتشق الحقنة طريقها فى الوريد لمقاومة الفيروس .. ولكن العلاج الشافى تماما فى علم الغيب وتحت التجريب!.

وتوفرت التطعيمات لأنواع مختلفة من اللقاحات داخل منظومتنا الصحية ما بين بريطانية وروسية وصينية .. ومع الجرعتين الأولى والثانية شهادة معتمدة ومختومة رسميا، بالحصول على التطعيم المناسب .. وحتى هذه اللحظة والأمور تسير على ما يرام وتبعث على التفاؤل والإسراع فى التجاوب مع حملة التطعيم .. وفجأة تتفجر المخاوف بظهور أعراض جانبية من الجرعات وتأثر بعض الأفراد سلبيا وأحيانا وفاة ذوى الأمراض المزمنة بعد أيام من التطعيم .. وما يُعمق الأزمة هو إقرار الوزارة على موقعها بأنها غير مسئولة عن آثار “ما بعد اللقاح”، ويتحمل المتلقى مسئولية الجرعة دون مساءلة الحكومة أو الشكوى من الحملة!.

وعلى مدار الأسابيع الماضية، لم تفرض الدولة التطعيم على المواطنين، واحترمت حرية الشخص فى الحصول على اللقاح أو الامتناع عن تلقيه .. ثم صدر “فرمان” بحرمان الموظفين “غير المُطعمين” من دخول أماكن عملهم، ومعاقبتهم بعدم التعامل معهم فى المصالح الحكومية إلا إذا كانت بحوزتهم “الشهادة المختومة” دليلا على نيل الجرعة المطلوبة .. وبالتالى صار التطعيم “إجباريا” وغير قابل للنقاش أو الرفض .. وهكذا يشعر المواطن بأنه بين خيارين كلاهما مُرٌّ .. إمّا اللقاح بكل احتمالات نجاحه أو فشله، وإمّا ضياع المستقبل الوظيفى والتأخر فى استخراج أية أوراق رسمية لازمة للحياة اليومية ومتطلباتها!.

قد تكون النوايا طيبة وسليمة فى تمرير حملة التطعيم وضمان وقاية الملايين من الفيروس اللعين، غير أن الأسلوب ينطوى على قدر من التعنت وضعف فى شفافية المعلومات .. والتحذير من مخاطر اللقاحات إجراء أمين ونزيه من الوزارة يمنح المواطن حرية القرار ويحترم إرادته وحقه الإنسانى والدستورى فى اختيار ما ينفعه ويُرضيه .. وإنما التلويح بورقة العقاب والتهديد استفزت الكثيرين، ودفعتهم إلى العناد والاندفاع وراء تزوير الشهادات هروبا من التطعيم “غير الآمن”، والأخطر أن لغة العقوبات فتحت أمام صغار الموظفين باب التلاعب و”ضرب” الأوراق الرسمية مقابل “حفنة” جنيهات، وتلوثت الحملة النبيلة بأجواء الرشوة و”فيروسات” الانحراف وشراء الضمير!.

– أنا شخصيا من أنصار الوقاية الذاتية باتباع سلوكيات النظافة والطهارة والإجراءات الاحترازية النابعة من الداخل قبل “التعليمات العليا” .. وهذه الوقاية عندما تتحول إلى ثقافة مجتمع ونمط حياة تُغنى الإنسان عن أى لقاح أو عقار مضاد .. وإذا ما كان التطعيم ضرورة وحتميا منعا للشرور والكوارث، فليس من الحكمة إرغام الجميع على تعاطيه بهذه الوسائل الغليظة، والأحرى أن يتوفر المصل الواقى تماما والمكون من كل مواصفات الجودة والكفاءة قبل تسويقه عالميا .. وإلا سيتضاعف أعداد الرافضين، ويرتفع صوت المتمردين .. والنتيجة المخجلة فى النهاية أن تسقط دعوة “التطعيم الإجبارى”، وتنشط حملة “التزوير الإجبارى”!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى