أراء ومقالاتالموقع

سعيد علي يكتب لـ«الموقع» رسالة الرئيس التي لم يفهمها «ميدو»

كرة القدم ليست مجرد لعبة، الدنيا كلها تحب لعب تلك الرياضية والتفوق فيها، هل لا نملك لاعبين جيدين؟ نحن 105 ملايين منهم 60% شباب، لا، لدينا بالفعل، لكن من المهم من ناحيتنا أن نعرف رؤيتهم واختيارهم بعناية، ثم ندربهم ونصر عليهم”.

أما بالنسبة للاعب نفسه، فلا بد أن يعرف أن الرحلة طويلة وتحتاج إلى جهد في الملعب ومع نفسه حتى يستطيع تحقيق ذلك”.

الأمر لا يتوقف على مدربين جيدين أو ملاعب جيدة فقط، بل أنه موضوع متكامل بين الدولة والشباب، وحتى الأسرة عليها دور أيضا”.وأتم: “إذا تمكنا من تحقيق ذلك الأمر، ومنحنا الفرصة للاعبين حتى يتدربون، سنتمكن من تحقيق نجاحات كثيرة”.

كانت التصريحات السابقة للرئيس عبدالفتاح السيسي تعبيرًا عن تغيير تاريخي في نظرة رأس السلطة المصرية لكرة القدم والرياضة عمومَا، وتحولها من وسيلة للإلهاء استخدمتها أنظمة سابقة، وطريق للانتفاع تربح منه لصوص كثيرون، فكانت النتيجة تأخر لا نستحقه، وحرمان من مكانة وإنجازات واقتصاد نحن أهل له.

إن المتابع الجيد للرياضة المصرية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي يدرك بأن الدولة تضع الرياضة على رأس أولوياتها، فأقدمت على استقبال عدد قياسي من البطولات في شتى الألعاب، وأصبحت مصر «السيسي» البلد الأكثر تنظيمًا للبطولات الرياضية ليس على مستوى القارة فحسب، بل على مستوى العالم.

لن أنسى العناوين الغربية التي نشرت أغلفة ملعب القاهرة وعنونت بكلمات المديح والإشادات حول الإبهار التي قدمته مصر في بطولة أمم إفريقيا 2019 .

ولن ينسى العالم أن أول بلد واجه سرطان كورونا وفتح أحضانه للعالم مواجهَا كل الأخطار ومتحديًا أصعب المطبات، كان مصر حينما استضافت بطولة العالم لكرة اليد في أصعب مرحلة، وقدمت نموذجًا احتذى به العالم فيما بعض للتغلب على مشكلات كورونا، فبينما كان الجميع يهرول هاربًا، وتأجلت كل البطولات القارية والعالمية، كانت مصر وحدها البلد الأكثر شجاعة وامتلكت خططًا واستراتيجيات هزمت بها الجميع.

واهم من يظن بأنه نجاح عادي، ومخطئ من يعتقد أنه أمرًا يسيرًا على بلد تنهض من تحديات ضخمة في مرحلة من أصعب مراحلها في التاريخ الحديث، لكن الإيمان والعزيمة والإرادة التي امتلكتها الدولة المصرية، مع الإخلاص والتفاني في العمل كانت عوامل مهمة لتحقيق هذا المنجز.

يطمح رئيس مصر، ويحلم كما كل المصريين، بأن يرى مصر رائدة في كرة القدم والرياضة، كما يحلم بذلك في شتى المجالات، وبكلمات بسيطة وتصريحات مقتضبة رسم المسار في النسخة الرابعة في احتفالية «قادرون باختلاف»، نحو صناعة المجد وكتابة التاريخ.

رغم أن عقله محاط بمشكلات كثيرة، لكن تفنيده لمنظومة كرة القدم، وحديثه عن التكامل بين الأطراف المختلفة للعبة، وتفصيله لأهمية إخلاص كل منها بالأدوار المنوط بها وشرح ما له وما عليه، كانت أمور كاشفة تمامًا بأن الرئيس السيسي تعمق في دراسة الأمر، وبحث مع المقربين والمسؤولين السبيل إلا النجاح.

كان الجميل في حديث الرئيس إصراره على ضرورة الإيمان والإخلاص وإدراكه بأن المشوار طويلًا ويحتاج إلى جهد كبير، وهكذا صنع العالم معجزاته في كرة القدم.

طالب الرئيس الجميع، مدربين، ولاعبين، ومسؤولين، بضرورة الإخلاص والتعب والبذل، وقال أن لا إنجاز يأتي عبثًا أو صدفة.

وفي مقابل ذلك نرى أحمد حسام ميدو، الشباب الذي حصل على فرص تدريب لأندية لم يحصل عليها أي شاب في العالم في سنه، يضرب بذلك عرض الحائط، ويعلن تقديم برنامج تلفزيوني إلى جانب مهمته كمدير فني للإسماعيلي.

ما بين سن الثلاثين وقبل الأربعين، درب أحمد حسام ميدو، الزمالك، مرتين والإسماعيلي، ووادي دجلة، والوحدة السعودي، ومصر للمقاصة، وعاد ثانية إلى الدراويش.

لم يحدث بأي مكان في العالم أن يقود شابًا كل هذه التجارب، ومع كل فشل ينل فرصة أخرى، وثالثة، وعاشرة.

وإذا بحثت عن السبب في ذلك ستتأكد بأن ميدو ومن يختاروه، لم يستوعبوا بعد ما آمنت به الدولة، ولم يفهموا الرسالة التي قدمها الرئيس تفصيلًا اليوم.

لو كان لدى ميدو بـ 10 جنيه إخلاص، من الملايين التي يجنيها، لراجع نفسه بعد كل تجربة فشل فيها ولعاد أقوى من سابقتها، ولم كان كل مسؤول بنفس الإخلاص الذي تحدث عنه السيسي ما كان اختار هذا النموذج دون الحصول على رؤى واستراتيجية وآليات تنفيذ واضحة، وليس وعوداً عبثية وإعلامية مثل تلك التي قالها يوم قيادته لمصر المقاصة حين وعد بالمنافسة على الفوز بكأس العالم للأندية ثم رأينا الفريق يتدمر ويهبط بعدها للدرجة الثانية للمرة الأولى منذ صعوده.

إن ما يفعله ميدو ورفاقه بالكرة المصرية لا يتماشى مع وصايا الرئيس، وإيمانه الكامل بأهمية العمل والاجتهاد، فبينما تؤمن الدولة بالبذل والجهد، لا زال يمارس الآخرين الفهلوة.

كيف سيخلص مدرب في عمله وهو يقدم برنامج تلفزيوني، وكيف سيخلص مقدم برامج تلفزيونية وهو يدرب فريق لديه مشكلات كثيرة.

إن الحديث عن قدرة أي شخص الجمع بينهما ما هو إلا استهتار وجهل بحقيقة الأمور، وأمر لا يقبل عليه سوى من يتعاملون بمنطق السبوبة والطمع والجشع.

في عالم أخرى كانت أطول فترة قضاها بيب جوارديولا أسطورة التدريب في العصر الحديث دون أن يفكر في كرة القدم 33 دقيقة، تقول زوجته لأول مرة يلعب مع أطفاله هذه المدة ولا يخطر بباله شيئَا له علاقة بكرة القدم.

وهو ينام، يقود السيارة، يتجول في الحديقة، في أي مكان كرة القدم بعقله، ولا شيء يشغل باله سوى عمله وكيفية التطور دائمًا.

بينما يريد ميدو أن يقضى يومان في الأسبوع في مدينة الإنتاج الإعلامي، وليلة الخميس يلهو على موتسكيلات الرحاب، ولا مانع من القيام بأي شيء آخر، فهو يرى أن مهمته تقتصر على ساعتين تدريب، ومثلهما في المباراة، مقابل راتب سيحصل عليه، وزملاء في الإعلام سيهللون له ويبروزن أقل الانتصارات، ويبررون كبرى الانكسارات والهزائم، فيخرج ويعود ونستمر في نفس الدائرة.

يا سيادة الرئيس، أننا بحاجة إلى تدخل أقوى لضبط المنظومة بتشريعات جديدة، تجبر الجميع على الإخلاص والعمل وتضعهم تحت المساءلة والحساب وقت الفشل، فليس الجميع بنفس إيمانك، وليس الكل بنفس الإخلاص والتفاني في العمل، الرهان على نفس الأشخاص لن يكون كافيَا لتحقيق أحلامك وأحلامنا التي نستحقها.

اقرأ ايضا للكاتب

سعيد علي يكتب لـ«الموقع» عن الحوار الوطني ودعوة مرتضى منصور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى