امجد فتحي يكتب لـ«الموقع» عصفورة المؤسسة الوشاية كآفة تُهدد بيئة العمل
في عالم العمل، تُعد الثقة بين الزملاء حجر الزاوية لبيئة مهنية صحية تُفضي إلى الإبداع والإنتاجية. لكن أحيانًا تتسلل سلوكيات سلبية تهدد هذا الأساس، ومن أبرزها ظاهرة “عصفورة المؤسسة”، التي تُمثل نموذجًا للاستغلال السلبي للثقة لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الفريق.
دورة حياة “عصفورة المؤسسة “
تبدأ رحلة “عصفورة المؤسسة” بمرحلة التوظيف والاندماج، حيث يظهر الفرد ودودًا ومتعاونًا، مما يُكسبه قبولًا سريعًا داخل الفريق. في المرحلة التالية، يُركز على التعرف على الزملاء، وجمع المعلومات عن ديناميكيات العمل والسياسات الداخلية.
مع مرور الوقت، يتقن الفرد بناء الثقة عبر التظاهر بأنه شخص يمكن الاعتماد عليه، مما يدفع الزملاء إلى مشاركة تفاصيل حساسة تتعلق بأعمالهم أو حياتهم الشخصية. حين تتوفر لديه المعلومات الكافية، يبدأ بتنفيذ الوشاية عبر نقل هذه المعلومات للإدارة أو من يرى انه سوف يحصل منه علي مزايا، غالبًا في إطار سري للحفاظ على صورته الزائفة أمام زملائه.
في المقابل، يحصل على المكافآت من خلال الترقيات أو الامتيازات، مستمرًا في هذه الدورة التي تُفضي في النهاية إلى التأثير السلبي على بيئة العمل.
التأثيرات السلبية للظاهرة
وجود “عصفورة المؤسسة” يخلق مناخًا غير صحي ينعكس سلبًا على الفريق والمؤسسة ككل، ومن أبرز هذه* الآثار:
1. انعدام الثقة: تتضاءل الروابط بين الزملاء، ما يؤدي إلى تفكك العلاقات المهنية.
2. انتشار القلق والتوتر: يصبح الجميع في حالة خوف دائم من أن تُستخدم كلماتهم أو تصرفاتهم ضدهم.
3. ضعف الإنتاجية: تؤدي البيئة المشحونة إلى تراجع التعاون والإبداع، مما يضر بمخرجات العمل.
4. هروب الكفاءات: قد تُفضي هذه الممارسات إلى استقالة الموظفين الأكفاء بحثًا عن بيئة عمل أفضل.
كيف يمكن التصدي لهذه الظاهرة؟
لمواجهة ظاهرة الوشاية، يجب على المؤسسات أن تتخذ خطوات جادة لتعزيز الثقة وتوفير بيئة عمل صحية، تشمل:
1. تعزيز الشفافية: وضع سياسات واضحة للتعامل مع المشكلات دون الحاجة إلى الوشاية
2. إطلاق قنوات رسمية للإبلاغ: توفير آليات مؤسسية آمنة تُتيح للموظفين تقديم شكاوى وملاحظات بطرق مهنية وسرية.
3. التركيز على العمل الجماعي: تنظيم ورش عمل وأنشطة تعزز روح التعاون وتبني الثقة بين الزملاء.
4. الرقابة على الأداء الأخلاقي: جعل الأخلاقيات المهنية معيارًا أساسيًا في تقييم الأداء.
5. الحفاظ على خصوصية الموظفين: ضمان حماية البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة لمنع استغلالها.
الخلاصة
ظاهرة “عصفورة المؤسسة” ليست مجرد مشكلة فردية، بل هي مؤشر على غياب الثقة وسياسات التعامل المفتوح داخل المؤسسة. التعامل مع هذه الظاهرة بفعالية يتطلب بناء ثقافة قائمة على التعاون والشفافية، حيث يُكافَأ الأفراد بناءً على أخلاقياتهم ومساهماتهم الحقيقية وليس علي اساس مدي قدرتهم علي الوشاية بزملائهم، و قدرتهم على الوقيعة بزملائهم.
اقرأ ايضا للكاتب
أمجد فتحي يكتب لـ«الموقع»: استخدام البيجر كأداة للتفجير عن بُعد: التقنية في الأيدي الخاطئة
أمجد فتحي يكتب لـ«الموقع» عن: «عصافير المؤسسة 1-2»
أمجد فتحي يكتب لـ«الموقع»: أكتوبر وأهل سيناء – دور بطولي في تاريخ مصر الحديث