الموقعتحقيقات وتقارير

الانتحال العلمى.. سرقة «مخ» الأخرين

الأفكار العلمية تسرق داخل مكاتب الجامعات.. وأسعار بيع رسمية في بين السرايات

كتبت – أميرة فوزى

في إحدى المحاضرات الجامعية حكى أحد الأساتذة الكبار أنه ناقش إحدى الرسائل العلمية لأحد الباحثين في مصر وبعد عام انتدب للعمل في إحدى الدول العربية مشرفا على الرسائل العلمية في تلك الدولة، وفي إحدى المرات فوجيء أن أحد الباحثين قدم نفس الرسالة نصا وحروفا ووضع عليها اسمه وكان عقابه فضيحة مدوية وسط الحاضرين.. كانت تلك إحدى صور الانتحال الجامعي وانتحال الصفة العلمية وسرقة الرسائل والأفكار دون توثيقها لتصير ظاهرة خطيرة.. موقع “الموقع” ناقش أبعاد الفضيحة..

في جولتنا داخل إحدى الجامعات وجدنا ” أ.س” تمشي في ممرات كلية تربية جامعة ش.م والدموع تغمر أعينها وتسقط على الأرض فجأة مغشية عليها والجميع يلتف حولها متسائلين ماذا بها ؟ هل في حد هنا يعرفها؟ إيه اللى مزعلها ؟ والجميع ظل يحاول إفاقتها متسائلة ماذا يحدث وبعد حوالى 10 دقائق من محاولات ايقاظها عادت إلينا الفتاة ورددت جملة “اتسرقت.. فكرتي اتسرقت.. تعب 3 سنين راح هدر سرقت وضاع التمهيدى وضاع شقى العمر فلوس .. وصحة .. ومجهود” وظلت تبكى وتصرخ ولا أحد يستطيع التعليق.. وبعد هدوء الطالبة بدأنا نستفسر منها ماذا بك قالت ” الدكتور م.ع أعطى فكرتى لمعيدة داخل القسم.. وعلى الرغم من أنى قدمت الفكرة منذ 3 أعوام ولم تسجل في سمينار كل سنة تقول لسه هتحتاج إلى تعديل ووافقت على فكرتى أن تشتغل معى عليها واليوم الدكتور تبلغنى بأنها فكرة مكررة وأن المعيد م.س داخل القسم تعمل عليها .. مع العلم أن المعيدة لسة معينة جديد هذا العام.. حقي فين؟.
ونفس المشهد يكرر داخل كلية الهندسة جامعة س.م نجد المعيد م.س عقب نجاحة وصدر الأمر بتعينه رسميا داخل الجامعة ملأت الزغاريد بيتهم وفرح به الأحبة والجيران ولكن يا فرحة ما تمت بعد أن عين معيداً وتقدم بفكرته داخل القسم كل ما تقبل له فكرة يرجع الدكتور يقول له ” شوف لنا فكرة تانية.. وهكذا ظل الباحث يبحث عن أفكار.. وفكرة تلو فكرة إلى أن في يوم علم هذا المعيد أن إحدى أفكار تم بيعها لطالب لسه متخرج حديثاً يصغره بأربع أعوام وعين معيداً حديثاً ولكنه ينتمى لعائلة كبيرة ذات مناصب قيادية … وضاع فكره ومجهوده وضاعت سنين العمر.. وفى نهاية المطاف يحول من معيد إلى موظف إدارى …..قائلاً “ده حلال ده ولا حرام …أغيثونا ياعالم؟”.

بين السريات مآوى لتجار الرسالة العلمية
أشار لنا عبد الكريم اليمنى باحث علم في إحدى الجامعات المصرية قائلاً “أن تكتب رسالة علمية وتقدمها الموضوع طلع سهل في بين السريات ولكن صعوبته في تدفع كام ؟؟ واحنا كعرب بنتعامل بالدولار على غير المصريين.. رسالة الماجستير بـ 100 ألف مصر والدكتوراه بـ200 ألف وسعر الرسالة يتحدد طبقا لنوع التخصص وعدد الصفحات والمهارات التى تطلبها كل رسالة وإذا كانت فكرة الرسالة معقدة يزيد السعر على الباحث”.

ومن جانبه أعربت لنا ريام وصيف من العراق قائلة ” بصراحة ما عندى طول بال للدراسات بعد التخرج ولكن والدى يلح على لتكملة الماجستير وحاليا أبحث عن مكتب موثوق – يأخد اللى بده ياه- المهم أنجز “!.

أشكال الانتحال العلمى
أكد دكتور محمود عبد العزيز أستاذ الاقتصاد ومناهج البحث العلمى قائلاً ” الانتحال العلمى يعرف بـ plagiarism يوجد أكثر بين الرسالة المقدمة من الباحثين ويمكن اكتشافها من خلال برامج عديدة ومنهم برنامج Turnitin.

وأضاف أن بعض الرسائل ترفض بعد وقوعها تحت برامج كشف الانتحال والسرقات العلمية وتعرض الباحث بالفعل لمشاكل عديدة سواء في بحوث الماجستير أو الدكتوراه أو الترقي.. وهى بمثابة جريمة وتعرض الباحث للمساءلة القانونية في بعض الحالات.

وأشار عبد العزيز أن الانتحال العلمى يتمحور في أشكال متعددة ومنها ” الاستنساخ وهو يمثل أعلى درجات الانتحال ويمكن صاحب العمل الأصلى يرفع على الطالب قضية سرقة حقوق النشر ، وهناك اقتباس حرفي دون توثيقها في الهامش، وأيضا النسخ بتصرف وتغير في أسلوب كتابة المحتوى دون توثيقها والمزج بين فكر المصادر المتنوعة دون الإشارة للمصدر ) ولكن لو الباحث يذكر معلومات عامة معروفة للجميع ولم يوثقها فهذا أمر طبيعى ولا يعد انتحالاً.. ويشترط أن تكون نسبة الاقتباس تتراوح ما بين 15% حتى 25 % فى مجمل الرسالة أو الأطروحة العلمية ككل.

وأستطرد قائلاً ” على الباحثين الحرص على نسبة الاقتباس حتى لا يتحول إلى انتحال علمي أما بالنسبة لقضية أخذ الفكرة من باحث إعطائها لزميل آخر من الباحثين أعتقد نادراً ما تحدث ولكن لا أنفى عدم حدوثها فأحياناً يلجأ لها الدكتور المشرف في حالتين أما الباحثة معه قد استغرق مده تسجيله بالمرحلة العلمية ولم يجدى في فكرته والحالة الأخرى وهى تحويل أخذ فكره باحث وإعطائها لباحث آخر دون أن يتنازل هو عنها فهو نوع من الانتحال العلمى والحاكم فيها الضمير بالفعل ولكن لو هناك دليل عند الباحث فالأمر يتطور ويتحول المشرف للمسائلة قانونية”.

السرقة العلمية مرض متفشى فى العالم
ومن جانبه أوضح دكتور أحمد درايا أستاذ القانون والعلوم السياسية قائلاً ” أن السرقة العلمية تعرف طبقاً للمادة 3 من القرار الوزارى رقم 933 والتى ترتبط بكل ما يتبعه الباحث أو الأستاذ الجامعى أو أى شخص ينتحل منشور علمى أو بحث علمى متواضع فهى كارثة تعرض صاحبها بموجد المادة 36 إلى إجراءات تأديبية كإبطال المناقشة وحرمانه من اللقب الحاصل عليه ودرجة الاستاذة الجامعية مع منع نشر المحتوى الثابت سرقته وانتحاله ..وعلى أى باحث متضرر اللجوء للقانون بشرط وجود أدلة … والضمير هو الحاكم في الانتحال العلمى غير المنشور أو موثق قانونياً فهذا يندرج تحت خيانة الأمانة “.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى