الموقعتحقيقات وتقارير

«أهانوا أبيهم حيًا وميتًا».. ما عقوبة العاق بوالديه دينيًا وقانونيًا؟ «الموقع» يحقق

– أبناء «عم خضر» ألقوا أبيهم في الشارع بعد أخذ ممتلكاته ورفضوا استلام جثمانه ليدفن بمقابر العائلة

– عم خضر مازال في الثلاجة لليوم الثالث على التوالي لعجز “إنقاذ إنسان” عن استخراج تصريح الدفن لرفضهم إرسال بطاقته

– عالم أزهري: عقوق الوالدين أكبر الكبائر ومصيره في الدنيا الشقاء وفي الأخرة جهنم

– محامي بالنقض: عقوبة العاق بوالديه الحبس 5 سنوات ونطالب بالمؤبد لمثل هؤلاء الأبناء

كتبت- منار إبراهيم

قصة مأساوية عبرت عن أقصى دراجات جحود الأبناء وعقوق الوالدين، وهي حكاية «عم خضر» الرجل بلغ الـ 80 من عمره، التي أشعلت غضب وسائل التواصل الاجتماعي لليوم الثالث على التوالي، بعد أن طرده أبناءه مشردًا في الشارع حيًا ورفضوا دفنه ميتًا.

«الله يسامحكم يا ولادى .. أنتم الأربعه مفيش واحد فيكم عاوزينى عنده، مقهور منكم كان نفسي أعيش معاكم»، بهذه الكلمات كان يعبر “عم خضر” عن غضبه من أبناءه طوال حياته، حتى باتت هذه الجملة لا تفارق لسانه منذ أن تم إنقاذه من الشارع قرابة العامين وحتى فارق الحياة منذ ثلاث أيام.

رغم جحود أبناءه عليه إلا أن “عم خضر” نزيل مؤسسة “معًا لإنقاذ إنسان”، كان يتوسم في أبناءه الرحمة ورد الجميل فترك وصية “لما أموت ولادي يقفوا على غٌسلي وهما اللي يدفنوني مع أهلي”، ليبدأ من هنا صراع أخر يكشف قسوة الأكبر للأبناء الأربعة، حين قامت المؤسسة بإبلاغهم بوفاة أبيهم ووصيته فكان رد الإبن الأكبر “ده أبويا ومش هنفذ الوصية ومش هدفنه”.

وبعد رفض الأبناء الأربعة تروي مؤسسة معًا لإنقاذ إنسان قصة “عم خضر”، قائلة: إنه لديه أربع أولاد قاموا بإمضاء أبيهم على أوراق التنازل عن كل ما يملك، وبعد أن أخذوا كافة ممتلكاته قام الإبن الأكبر بإحضار أبيه من أسيوط وتركه أمام منزل عمه في منطقة المطرية بالقاهرة، الذي رفض هو الأخر أن يعيش أخوه المسن معه ليلقى “عم خضر” نفسه بلا مأوى وشريد بالشارع.

وتابعت “إنقاذ إنسان” أن عم خضر ظل في الشارع حتى تلقت المؤسسة بلاغ من أهالى المطرية، بوجود مسن مشرد في الـ 80 من عمره، وضعه الصحي سيء للغاية لوجود أثار ضرب مُبرح على جسده ومليء بالجروح.

وأضافت المؤسسة أنه منذ ذلك الوقت كانت أمنية عم خضر “مش عايز من ولادي حاجة بس أموت معاهم”، ليظل طوال العامين يشعر بالقهر والحزن وكان حلمه أن يراهم ويُدفن في مقابر أهله.

وتساءلت المؤسسة متعجبة: “بأي حق يكون له أولاد على وش الدنيا ويتعذب ويعيش مشرد في الشارع وحتى بعد الوفاة يرفضوا الدفن، كيف هان عليهم أبيهم يدخل الثلاجة لرفضهم تسليم بطاقته لنستخرج تصريح دفن، أليس إكرام الميت دفنه ولكنهم رفضوا إكرام أبيهم حيًا وميتًا؟!”.

وتناشد “إنقاذ إنسان” أبناء عم خضر، قائلة: ارحموا أبيكم ليس مطلوب منكم غير البطاقة وليس أكثر من ذلك، أرسلوها لنستخرج تصريح الدفن.

ليعيش “عم خضر” مجهول ويٌدفن غريب بمقابر الصدقة وأولاده يتنعمون في خيره على الدنيا، بعد أن رفضوا أبناءه تنفيذ وصيته، وحتى الأن لم يتم الدفن والنيابة أمرت بحفظ الجثمان بالمستشفى لحين الوصول لأولاده والتحريات عن هويته، فما عقوبة عقوق الوالدين دينيًا و قانونيًا؟، هذا ما يناقشه «الموقع» خلال السطور القليلة القادمة …

قال الدكتور هنيدي عبد الجواد، مدرس التفسير وعلوم القرآن كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، إن جحود وعقوق الأب يدل على ضعف الإيمان والوازع الديني، وعدم الوفاء للأب «وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً».

وأضاف مدرس التفسير لـ«الموقع»، أن القرآن الكريم أمرنا ببر الوالدين في كافة مراحل حياتهم وخاصة مرحلة الشيخوخة، حيث قال تعالى “فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما”، وضرب المثل بهذا الفعل للتعبير عن أقل كلمة تؤذي الأب وحرمها القرأن لأن الوالدين في سن الكبر تكون حالتهم النفسية سيئة لشعورهم بالعجز والمرض، بل حرم القرأن الكريم التعبير عن الغضب والزهق من الوالدين حتى بتعبيرات الوجه.

وأوضح أن القرأن الكريم جمع في أياته بين عبادة الله وبر الوالدين، حيث جاءت معظم الأيات التي تحس على بر الوالدين مقرونة بعبادة الله، وذلك في قوله تعالى « وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»، كما قال تعالى «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا».

وأشار إلى أن سبب جمع بين العبادة وبر الوالدين، هو أن الله خلق العباد جميعًا ولكنه جعل الأباء سبب وجود الأبناء في الدنيا، كما أن الله هو الذي خلق العبد ويرزقه ويربيه ووهب الأب أحد هذه الصفات في أنه سخره لرزق أبناءه والإنفاق عليهم منذ وجودهم في أرحام أمهاتهم.

وفيما يخص عقوق الوالدين، قال عبد الجواد إن العاق بوالديه له عذاب شديد في الدنيا والأخرة، ففي الدنيا سيرد له أبناءه فعله في أبيه، ولن ينعم بالبركة في صحته وأولاده ورزقه، وفي الأخرة سيكون عذابه شديد فعقوق الوالدين من أكبر الكبائر وفاعله مصيره جهنم وبئس المصير، ويعاقب عليها يوم القيامة بعذاب شديد.

ووجع رسالة للعاقين بوالديهم، قائلا: عليكم بطاعة الله لأن العبادات ترقق القلوب، فمثل هؤلاء الأبناء قلوبهم كالحجارة بل وأشد قسوة، وعليهم بالتوبة وترقيق قلوبهم بتغذية الجانب الروحاني والخوف من عقاب الله في الدنيا والأخرة.

ومن جانبه قال وائل نجم، المحامي بالنقض وسكرتير مفوضية الأمم المتحدة للإعلام، إن القانون ينص على حبس العاق بوالديه، وذلك وفقًا لأحكام المادة (302) من الدستور والتي تنص على حبس كل من سب والديه أو أهانهم أو هجرهم أو تعدى عليهم بالضرب أو تسبب لهم في جروح بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن خمس، ومضاعفة العقوبة في حال تكرار جريمته.

وأشار إلى القانون العراقي والذي ينص بالحبس لمنّ أذى والديه بالنظر أو سبهم بالقول أو الإشارة، أو وضعهم في دور رعاية بالحبس مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تزيد عن عشر، وليس بمثل هؤلاء الأبناء الذين سطروا أسوأ قصص الحجود في تاريخ البشرية بإلقاء أبيهم في الشارع ثم رفض دفنه.

وطالب “المحامي بالنقض” بتعديل أحكام المادة الخاصة بعقوبة العقوق، وتغليظ العقوبة إلى المؤبد أو الإعدام لمثل أبناء عم “خضر” ليكونوا عبرة لغيرهم، فمنزوع الرحمة لا يحق له الرحمة، فهؤلاء الأبناء نبت سيئ ضار بالمجتمع كيف سيشعر بالولاء لوطنه إذا كان لم يحقق الولاء لأبيه.

واختتم حديثه معنا، قائلا: الأب هو الذي يربي الأبناء ليكون جنود حراس للوطن ومعلمين لأجيال أخرى، وإذا لم يكن القانون رادع لهم سيكون مصير الأجيال القادمة سيء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى