أراء ومقالاتالموقع

أمــل الجمل تكتب لـ«الموقع» تجربتي في التحكيم بمهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط

أخيراً، سعدت بحضوري الدورة السابعة والعشرين من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط المنعقدة خلال الفترة ١٠-١٧ يونيو الجاري. هذه الدعوة مؤجلة من العام ٢٠١٩. كان من المفترض أن أشارك في لجنة التحكيم للدورة ٢٦، في مارس ٢٠٢٠، ثم جاءت كورونا وقضت على أحلامنا وخططنا على مدار عامين كاملين. غاب تطوان عاماً، لكنه أصر على التواجد افتراضياً عام ٢٠٢١. أسعدتني المشاركة أون لاين، وكانت تجربة ظريفة للغاية، وفي الختام شكرني الناقد المغربي عبد اللطيف البازي ووعدني أنا وزملائي في اللجنة أنا نشارك في الدورة التالية والحضور للمغرب.

تحقق الوعد. وشرفت برئاسة لجنة النقد التي تحمل جائزتها اسم الناقد المغربي العزيز مصطفى المسناوي، وهى الجائزة التي ابتكرها منظمو المهرجان عقب الرحيل المفاجيء للمسناوي، في لفتة إنسانية تقديراً لجهوده وإخلاصه.
في تطوان الجميلة، التاريخية السياحية العريقة، المميزة بطرازها المعماري المغربي الآخاذ، وطقسها البديع، مرت الأيام سريعاً، كنت أتنقل بين مدينتي تطوان ومارتيل. تطوان حيث قاعات العرض السينمائية الثلاث؛ قاعة أفينيدا لأفلام المسابقة الرسمية ولجنة النقد حيث تعرض الأفلام الروائية الطويلة، وقاعة المعهد الفرنسي لعرض أفلام المسابقة الوثائقية، في حين خُصصت قاعة إسبانيول لعروض الأطفال في مشهد آسر وغير مسبوق.

في مدينة مارتيل كانت إقامتي بفندق أمية المطل على شاطيء المتوسط المتقاطع مع الجبال المترامية الجميلة لا أمل من النظر إليها من نافذة غرفتي صباحاً ومساءا. مشهد بديع يبقى حياً في الذاكرة. كنت أخرج من مارتيل صباحاً أحضر الندوات والنقاشات السينمائية الثرية أو المعارض للصور الفوتوغرافية، وأعود مساءاً بعد انتهاء عروض أفلام التحكيم. بعض الأيام كنا نعود إلى مارتيل ظهرا لنتناول الغداء ثم نعود للسينما. على هامش الندوات وفي استراحة عروض الأفلام وأثناء الغداء كنا نلتقي الأصدقاء والصديقات، أو نتعرف على أصدقاء جدد، نتبادل الأفلام والحكايات والآراء، والكتب، عدد كبير من المبدعين المغاربة كان موجودا؛ روائيين وكتاب ونقاد ومخرجين، بعضهم لم يكن لديه أفلاما للعرض ولكنه حضر وفاء للمهرجان العريق، وهكذا مرت الأيام المبهجة سريعاً كالبرق.

في اللجنة اختلفنا واتفقنا، مرات ومرات، كان النقاش يحتدم أحيانا دون أن نفقد احترمنا لبعضنا البعض، البعض يضيء نقاط فتفتح نقاشاً جديداً في المضمون والمعالجة السردية واللغة السينمائية، كان يمكن للنقاش أن يستمر بالساعات من دون أن نفقد المتعة، ورغم الاختلاف أحيانا لكن قرار منح الجائزة جاء بالإجماع، فقد توجت اللجنة عملها في الختام بمنح الفيلم الإيطالي الفرنسي السلوفيني المشترك جائزة مصطفى المسناوي، وهو فيلم «جسد صغير» للمخرجة لورا سماني.

وجاء في حيثيات منح الجائزة أنه بعد مشاهدة ١٢ فيلماً روائياً طويلاً قررت اللجنة – المكونة من كاتبة هذه السطور كرئيس للجنة، وبعضوية كلا من الناقد والمترجم المغربي عادل السمار، وكاتبة السيناريو وعضوة لجنة الدعم بالمركز السينمائي المغربي ليلي الشرادي، والكاتب والسيناريست الأسباني ميجيل إنجيلا بارا – بمنح جائزتها لعمل سينمائى ينتمي للواقعية السحرية، يتغلل في وريدنا أثناء المشاهدة، يرسم صورة أنوثة هامشية غير متوقعة، ويُؤكد على أن هناك بعض الأسرار والخبرات والمشاعر لا يمكن أن تكون مشتركة إلا بين النساء، يبدو الفيلم وكأنه تاريخي لكنه شديد الواقعية، بتفاصيله المدروسة، الساحرة، ولغته السينمائية المقتصدة والمحملة بالتورية، طوال تلك المغامرة التي تسمح لنسائه بالاقتراب من المعجزة.

اقرأ ايضا للكاتب

أمــل الجمل تكتب لـ«الموقع» رغم الحرائق مهرجان «قابس سينما فن» يُنجز دورته الرابعة بنجاح لافت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى