أراء ومقالاتالموقع

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» ماذا حدث للمصريين

ماذا حدث للمصريين؟ كان هذا عنوان واحد من أهم الكتب التي صدرت في العلوم الاجتماعية للكاتب و المفكر الكبير جلال أمين رحمه الله “اسعدني الحظ لقاءه أكثر من مرة” ، في هذا الكتاب الذي صدر  عام 1998 تحدث أمين بالتفصيل عن الشخصية المصرية و التحولات التي طرأت عليها في النصف قرن الأخير، لدرجة أن البعض وصف الكتاب أنه “مخيف”!  و بالرغم أن الحال كان وقتها لم يصل لهذه الدرجة من انعدام المسؤولية والسلبية و اللامبالاة بين الشباب إلاّ إنه كان جرس إنذار حيث كشف الكثير من الصفات التي طرأت على الشخصية المصرية، وليتنا انتبهنا من وقتها، وليت الدكتور جلال أمين كان على قيد الحياة الآن ليكتب جزء جديد عما وصل به الحال لهذا الجيل الجديد أبناء العالم الافتراضي و السوشيال ميديا، جيل أغلبه لم يذهب يوما إلى دار الأوبرا أو المسرح!

حادث الفتاة “نيرة” أصابنا بصدمة كبيرة، المشهد العام للحادث  و طريقة العنف التي ارتكب بها الجاني الحادث تفوق الخيال، لم نشاهدها إلاّ مع جماعة داعش! هل وصل التطرف في أفكار الشباب الذين يعيشون بيننا لهذا الحد من العنف !؟
حالة الجدل التي وصلت للتراشق اللفظي بين شخصيات إعلامية و دينية و فنية عبر السوشيال ميديا! تكشف فجوة كبيرة في الأفكار بين الناس، حيث زادت من اشتعال الأجواء ، الجميع غاضب من حالة العنف الغريبة على المجتمع، وللأسف أحدهم الذي فتحت له أبواب الفضائيات لسنوات خرج ليصدمنا بافكار كارثية بدلا من توجيه خطاب معتدل للشباب عن تلك الجريمة البشعة أو كان الصمت أفضل له.

أعلم أن ما سأقوله لاحقا ربما لن يعجب البعض، في اعتقادي الحراك الاجتماعي الذي حدث في الشارع المصري بداية من عام 2011 كان حراكا عنوانه الرئيسي “العنف هو الحل” الجميع كان يتحدث بلغة العنف أنه هو الحل اما الرحيل والتغيير واما إشعال النار !! ونسى الجميع الوطن و الحفاظ عليه !؟ نعم أشعل البعض النيران وكانوا على استعداد لحرق المزيد والمزيد! عندما نزلت للمرة الأولى أثناء أحداث يناير 2011  لأشاهد عن قرب ماذا يحدث في الشارع، شاهدت للمرة الأولى الدماء أمامي بسبب شجار بين مجموعات من الشباب الغاضب! في الشوارع المحيطة بميدان التحرير العنف كان مسيطر على الجميع!

منذ ذلك الحين عرف الشارع المصري معنى العنف وأصبح يشاهد الدماء والقتل في بثا مباشرا عبر الفضائيات بشكل متكرر عشرات المرات ! هل تذكرون كيف ألقى أحدهم آخر من فوق سطح إحدى البنايات بدم بارد لأنه يختلف معه فكريا ! مشاهد كانت صادمة للجميع، وهكذا أصبحت مشاهد الدماء عادة يوميا على شاشات الفضائيات وبرامج التوك شو !
منذ تلك اللحظات الصادمة أيقنت أن تغييرا كبيرا في شخصية جيل جديد قد حدثت، جيل لدى أغلبه انعدام مسؤولية ولا مبالاة، وسلبية شديدة وأفكار مشوشة عن الدين والسياسة وكل شيء! وسط غياب مؤسسات الدولة المعنية وتراجعها لسنوات طويلة.

وجدت البعض يلقي التهم على الفن وبعض الممثلين وهو اتهام مبالغ فيه، منذ قديم الازل و السينما تقدم أعمالا تناقش ظواهر العنف و الاغتصاب والثأر! دعاء الكروان، اللص والكلاب، والمغتصبون، بالطبع لا يعد هذا تحريضا وفي العالم كله نجد تلك الأعمال الفنية ولكن اللوم على الأسرة أولا في كيفية التربية وإهمال الأبناء وعدم التواصل معهم بشكل دائم و الاقتراب منهم ومن مشاكلهم وتركهم فريسة لوسائل التواصل الاجتماعي تلك الكارثة التي وجدها الجميع خاصة الصغار الذين تربوا عليها وأصبحوا شبابا الآن وسيلة لتفريغ طاقة عدم التواصل الحقيقي بين الأهل والأصدقاء وأصبح التواصل افتراضي بين أشخاص حقيقيين أو منتحلين لشخصيات، أصبحت وسيلة التواصل أداة في يد الجاهل قبل العالم ولك أن تتخيل النتيجة! ممكن القول أن السوشيال ميديا  قتلت الإنسانية والمشاعر داخلنا، ومشاهد تصوير الأم المكلومة فوق القبر خير دليل.

للاسف أقل حادث في مصر يصبح ملء السمع والبصر بسبب السوشيال ميديا، وبدء يستغله المجموعات المعروفة لخلط الأمور بين ما حدث وبين الوضع السياسي! رغم أن حوادث العنف منتشرة في دول كثيرة حول العالم!
قبل أن انتهي وجدث حادث مماثل لطالبة جامعية في الأردن!؟ ما هذا العنف المتزايد تجاه المرأة العربية ؟ لقد أصبح العالم يزداد وحشية ورعب.

اقرأ ايضا للكاتب : 

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» top gun وتأديب الدول المارقة!

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«لموقع» أنتوني كوين.. القصة هي المشكلة والحل!

أحمد فرغلي رضوان يكتب لـ«الموقع» العنكبوت.. قليل من الحب كثير من الأكشن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى